الإتقان مهارة، والابتكار مهارة أخرى.
في الفن، تُعدّ الدقّة و الإتقان في النقل والمحاكاة شيئاً مبهراً لشريحة كبيرة من الناس، دهشة التفاصيل وإعجاباً بالمجهود. لكن أصحاب الخيال جمهورهم أقل، لأن الخروج عن الواقع المرئي والمنطقي له عدة أوجه ويحتمل الكثير من المعاني، وهذا مُرهق إن نظرنا إليه من زاوية ضيقة، بالإضافة إلى أنه ربما لا يتوافق مع قدراتهم (التخيّلية).
في فيلم I'm thinking of ending things , أحد الشخصيات كانت تعبّر عن تفضيلها للفن الواقعي أكثر لأنه يكون بنفس كفاءة الكاميرا في الاحتفاظ بالمشاهد والتفاصيل، فكان رد ابنه له: إذاً لمَ لا تلتقط صورة بالكاميرا فحسب؟
في هذا الحوار نجد التفسير لكِلا الرأيين ، وأهمية مهارة الخيال لدى الفنان الذي يريد أن يرتقي للمرحلة الأسمى من الفن ، أن يكون خلّاقاً.
أن تكون خلّاقاً يعني أن تكون قادراً على ( الإضافة ) لهذا العالم ، وأن تكون فناناً خلاقاً أي أن تضيف شيئاً للعالم من خلال فنّك.
مهارة المحاكاة - لا يحبذ تسميتها تقليد أو نسخ - هي (مهارة) مهمة ولها مكانها وأثرها في الفن. الفنان الخلّاق أساسه وبدايته الأولى تنطلق من المحاكاة.
لا يسع الطالب في كليات العمارة والفنون التشكيلية والتطبيقية أن يتفوق فيها دون اكتساب خلفية بصرية واسعة، وإطّلاع كبير بمشاريع سابقة وفنيّات موجودة بالفعل وأعمال قد تم صنعها.
لا أزال أتذكر مقولة دكتور مادة التصميم التي تتكرر كل سبت وثلاثاء : "لن تستطيع تصميم مطار إن لم تشاهد مطاراً في حياتك." ؛ إذاً فالواقع والملموسات هي المادة الخام للخيال.
الإتقان مهارة، والابتكار مهارة أخرى، وكلاهما فن.
* Sketch 3/1/21
تعليقات
إرسال تعليق